فصل: من لطائف وفوائد المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الفخر:

مذهب كثير من المحققين أن عقول الخلق لا تصل إلى كنه معرفة الله تعالى ألبتة، ثم إن الكثير من أهل هذا المذهب يحتجون على صحته بقوله تعالى: {وَمَا قَدَرُواْ الله حَقَّ قَدْرِهِ} أي وما عرفوا الله حق معرفته، وهذا الاستدلال بعيد، لأنه تعالى ذكر هذه اللفظة في القرآن في ثلاثة مواضع، وكلها وردت في حق الكفار فههنا ورد في حق اليهود أو كفار مكة، وكذا القول في الموضعين الآخرين، وحينئذ لا يبقى في هذا الاستدلال فائدة. والله أعلم. اهـ.
قال الفخر:
في هذه الآية أحكام:
الحكم الأول:
أن النكرة في موضع النفي تفيد العموم، والدليل عليه هذه الآية فإن قوله: {مَا أَنزَلَ الله على بَشَرٍ مّن شيء} نكرة في موضع النفي، فلو لم تفد العموم لما كان قوله تعالى: {قُلْ مَنْ أَنزَلَ الكتاب الذي جَاء بِهِ موسى} إبطالًا له، ونقضًا عليه، ولو لم يكن كذلك لفسد هذا الاستدلال، ولما كان ذلك باطلًا، ثبت أن النكرة في موضع النفي تعم. والله أعلم.
الحكم الثاني:
النقض يقدح في صحة الكلام، وذلك لأنه تعالى نقض قولهم: {مَا أَنزَلَ الله على بَشَرٍ مّن شيء} بقوله: {قُلْ مَنْ أَنزَلَ الكتاب الذي جَاء بِهِ موسى} فلو لم يدل النقض على فساد الكلام لما كانت حجة الله مفيدة لهذا المطلوب.
واعلم أن قول من يقول: إبداء الفارق بين الصورتين يمنع من كون النقص مبطلًا ضعيف، إذ لو كان الأمر كذلك لسقطت حجة الله في هذه الآية لأن اليهودي كان يقول معجزات موسى أظهر، وأبهر من معجزاتك، فلم يلزم من إثبات النبوة هناك إثباتها هنا، ولو كان الفرق مقبولًا لسقطت هذه الحجة، وحيث لا يجوز القول بسقوطها علمنا أن النقض على الإطلاق مبطل والله أعلم.
الحكم الثالث:
تفلسف الغزالي فزعم أن هذه الآية مبنية على الشكل الثاني من الأشكال المنطقية، وذلك لأن حاصله يرجع إلى أن موسى أنزل الله تعالى عليه شيئًا وأحد من البشر ما أنزل الله عليه شيئًا ينتج من الشكل الثاني: أن موسى ما كان من البشر، وهذا خلف محال، وليست هذه الاستحالة بحسب شكل القياس، ولا بحسب صحة المقدمة الأولى، فلم يبق إلا أنه لزم من فرض صحة المقدمة الثانية، وهي قولهم: ما أنزل الله على بشر من شيء، فوجب القول بكونها كاذبة، فثبت أن دلالة هذه الآية على المطلوب، إنما تصح عند الاعتراف بصحة الشكل الثاني من الأشكال المنطقية، وعند الاعتراف بصحة قياس الخلف. والله أعلم. اهـ.
قال الفخر:
اعلم أنه تعالى لما قال: {قُلْ مَنْ أَنزَلَ الكتاب الذي جَاء بِهِ موسى} وصف بعده كتاب موسى بالصفات.
فالصفة الأولى: كونه نورًا وهدى للناس.
واعلم أنه تعالى سماه نورًا تشبيهًا له بالنور الذي به يبين الطريق.
فإن قالوا: فعلى هذا التفسير لا يبقى بين كونه نورًا وبين كونه هدى للناس فرق، وعطف أحدهما على الآخر يوجب التغاير.
قلنا: النور له صفتان: إحداهما: كونه في نفسه ظاهرًا جليًا، والثانية: كونه بحيث يكون سببًا لظهور غيره، فالمراد من كونه نورًا وهدى هذان الأمران.
واعلم أنه تعالى وصف القرآن أيضًا بهذين الوصفين في آية أخرى، فقال: {ولكن جعلناه نُورًا نَّهْدِى بِهِ مَن نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا}. اهـ.
قال الفخر:
قرأ أبو عمرو وابن كثير {يجعلونه} على لفظ الغيبة، وكذلك يبدونها ويخفون لأجل أنهم غائبون ويدل عليه قوله تعالى: {وَمَا قَدَرُواْ الله حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ الله على بَشَرٍ مّن شيء} فلما وردت هذه الألفاظ على لفظ المغايبة، فكذلك القول في البواقي، ومن قرأ بالتاء على الخطاب، فالتقدير: قل لهم تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرًا، والدليل عليه قوله تعالى: {وَعُلّمْتُمْ مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ} فجاء على الخطاب، فكذلك ماقبله. اهـ.
قال الفخر:
قال أبو علي الفارسي: قوله: {تَجْعَلُونَهُ قراطيس} أي يجعلونه ذات قراطيس.
أي يودعونه إياها.
فإن قيل: إن كل كتاب فلابد وأن يودع في القراطيس، فإذا كان الأمر كذلك في كل الكتب، فما السبب، في أن حكى الله تعالى هذا المعنى في معرض الذم لهم.
قلنا: الذم لم يقع على هذا المعنى فقط، بل المراد أنهم لما جعلوه قراطيس، وفرقوه وبعضوه، لا جرم قدروا على إبداء البعض، وإخفاء البعض، وهو الذي فيه صفة محمد عليه الصلاة والسلام.
فإن قيل: كيف يقدرون على ذلك مع أن التوراة كتاب وصل إلى أهل المشرق والمغرب، وعرفه أكثر أهل العلم وحفظوه، ومثل هذا الكتاب لا يمكن إدخال الزيادة والنقصان فيه، والدليل عليه أن الرجل في هذا الزمان لو أراد إدخال الزيادة والنقصان في القرآن لم يقدر عليه، فكذا القول في التوراة.
قلنا: قد ذكرنا في سورة البقرة أن المراد من التحريف تفسير آيات التوراة بالوجوه الباطلة الفاسدة كما يفعله المبطلون في زماننا هذا بآيات القرآن.
فإن قيل: هب أنه حصل في التوراة آيات دالة على نبوة محمد عليه الصلاة والسلام.
إلا أنها قليلة، والقوم ما كانوا يخفون من التوراة إلا تلك الآيات، فلم قال: ويخفون كثيرًا.
قلنا: القوم كما يخفون الآيات الدالة على نبوة محمد عليه الصلاة والسلام، فكذلك يخفون الآيات المشتملة على الأحكام، ألا ترى أنهم حاولوا على إخفاء الآية المشتملة على رجم الزاني المحصن. اهـ.

.قال القرطبي:

{تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ} أي في قراطيس {تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا} هذا لليهود الذين أخفَوْا صفة النبيّ صلى الله عليه وسلم وغيرها من الأحكام.
وقال مجاهد: قوله تعالى: {قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى} خطاب للمشركين، وقوله: {يجعلونه قراطيس} لليهود. اهـ.

.قال الفخر:

اعلم أنه تعالى لما وصف التوراة بهذه الصفات الثلاث، قال: {قُلِ الله} والمعنى أنه تعالى قال في أول الآية: {قُلْ مَنْ أَنزَلَ الكتاب} الذي صفته كذا وكذا فقال بعده: {قُلِ الله} والمعنى أن العقل السليم والطبع المستقيم يشهد بأن الكتاب الموصوف بالصفات المذكورة المؤيد قول صاحبه بالمعجزات القاهرة الباهرة مثل معجزات موسى عليه السلام لا يكون إلا من الله تعالى، فلما صار هذا المعنى ظاهرًا بسبب ظهور الحجة القاطعة، لا جرم قال تعالى لمحمد قل المنزل لهذا الكتاب هو الله تعالى، ونظيره قوله: {قُلْ أي شيء أَكْبَرُ شهادة قُلِ الله} وأيضًا أن الرجل الذي حاول إقامة الدلالة على وجود الصانع يقول من الذي أحدث الحياة بعد عدمها، ومن الذي أحدث العقل بعد الجهالة، ومن الذي أودع في الحدقة القوة الباصرة، وفي الصماخ القوة السامعة، ثم إن ذلك القائل نفسه يقول: {الله} والمقصود أنه بلغت هذه الدلالة والبينة إلى حيث يجب على كل عاقل أن يعترف بها فسواء أقر الخصم به أو لم يقر فالمقصود حاصل فكذا ههنا. اهـ.

.قال القرطبي:

وقوله: {وَعُلِّمْتُمْ مَّا لَمْ تعلموا أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ} للمسلمين.
وهذا يصحّ على قراءة من قرأ {يجعلونه قراطيس يبدونها ويخفون} بالياء.
والوجه على قراءة التاء أن يكون كله لليهود، ويكون معنى {وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا} أي وعلّمتم ما لم تكونوا تعلمونه أنتم ولا آباؤكم، على وجه المَنّ عليهم بإنزال التوراة.
وجعلت التوراة صُحُفًا فلذلك قال: {قراطيس تبدونها} أي تبدون القراطيس.
وهذا ذَمّ لهم؛ ولذلك كره العلماء كتب القرآن أجزاء.
{قُلِ الله} أي قل يا محمد الله الذي أنزل ذلك الكتاب على موسى وهذا الكتاب عليّ.
أو قل الله علمكم الكتاب. اهـ.

.قال الفخر:

المعنى أنك إذا أقمت الحجة عليهم وبلغت في الأعذار والأنذار وهذا المبلغ العظيم فحينئذ لم يبق عليك من أمرهم شيء ألبتة، ونظيره قوله تعالى: {إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ البلاغ}. اهـ.

.قال القرطبي:

{ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} أي لاعبين، ولو كان جوابًا للأمر لقال يلعبوا.
ومعنى الكلام التهديد.
وقيل: هو من المنسوخ بالقتال؛ ثم قيل: {يجعلونه} في موضع الصفة لقوله: {نُورًا وَهُدًى} فيكون في الصلة.
ويحتمل أن يكون مستأنفًا، والتقدير: يجعلونه ذا قراطيس.
وقوله: {يُبْدُونَهَا وَيُخْفُونَ كَثِيرًا} يحتمل أن يكون صفة لقراطيس؛ لأن النكرة توصف بالجُمل.
ويحتمل أن يكون مستأنفًا حسبما تقدّم. اهـ.

.قال الفخر:

قال بعضهم هذه الآية منسوخة بآية السيف وهذا بعيد لأن قوله: {ثُمَّ ذَرْهُمْ في خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} مذكور لأجل التهديد، وذلك لا ينافي حصول المقاتلة، فلم يكن ورود الآية الدالة على وجوب المقاتلة، رافعًا لشيء من مدلولات هذه الآية، فلم يحصل النسخ فيه. والله أعلم. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف القشيري في الآية:

قال عليه الرحمة:
{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آَبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (91)}.
مَنْ توهَّم أَنْ العلومَ تحيط بجلاله فالإحاطة غير سائغة في نعته، كما أنَّ الإدراك غير جائزٍ في وصفه، وكما أن الإشراف مُحالٌ على ذاته.
ثم قال: {قُلْ مَنْ أَنزَلَ الكِتَابَ الذي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا} أي سَلْهم عن الأحوال، وخاطِبْهم في معاني أحكام الرسول والأطلال، فَإِنْ بقوا في ظلمة (الحيرة) فَقُلْ: الله تعالى، ثم ذَرْهُم. يعني صَرِّح بالإخبار عن التوحيد، ولا يهولنَّك تماديهم في الباطل، فإنَّ تمويهاتِ الباطلِ لا تأثير لها في الحقائق. اهـ.

.قال في البحر المديد:

الإشارة: يُفهَم من الآية أنَّ من أقَرَّ بإنزال الكتب وآمن بجميع الرسل، فقد قَدَر الله حق قدره وعظَّمه حق تعظيمه. وهذا باعتبار ضعف العبد وعجزه وجهله؛ وإلاَّ فتعظيم الحق حق تعظيمه، ومعرفته حق معرفته، لا يمكن انتهاؤها، ولا الوصول إلى عشر العشر منها.
قال تعالى: {وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} [طه: 110]، وقال: {كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ} [عَبَسَ: 23] فلو بقي العبد يترقى في المعرفة أبدًا سرمدًا، ما عرف الله حق معرفته، حتى ينتهي إلى غايتها، ولو بقي يعبد أبد الأبد ما قام بواجب حقه.
وقوله تعالى: {قل الله} استشهد به الصوفيةُ، في طريق الإشارة، على الانفراد والانقطاع إلى الله، وعدم الالفتات إلى ما عليه الناس من الخوض والاشتغال بالأغيار والأكدار، والخروج عنهم إلى مقام الصفا، وهو شهود الفردانية، والعكوف في أسرار الوحدانية. قال ابن عطاء الله لما تكلم على أهل الشهود قال: (لأنهم لله لا لشيء دونه، {قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون}). وقد يُنكِر عليهم من لم يفهم إشارتهم، تجمدًا ووقوفًا مع الظاهر، وللقرآن ظاهر وباطن لا يعرفه إلا الربانيون. نفعنا الله بهم، آمين. اهـ.

.قال في روح البيان:

وفي الآيات أمور:
الأول: أن المخلوق لا يَقْدِر قَدْرَ الخالق ولا يدركه باعتبار كنه ذاته وتجرده عن التعينات الأسمائية والصفاتية.
فكل من عرف الله بآلة مخلوقة فهو على الحقيقة غير عارف ومن عرفه بآلة قديمة كما قال بعضهم عرفت ربي بربي فقد عرف الله، ولكن على قدر استعداده في قبول فيض نور الربوبية الذي به عرف الله على قدره؛ لأنها بنيت ذاته وصفاته فالذي يقدر الله حق قدره هو الله تعالى لا غيره.
ما للترات ورب الأرباب.
والثاني: ذم السمن كما عرف في سبب النزول.
قال ابن الملك: السمن المذموم ما يكون مكتسبًا بالتوسع في المأكل لا ما يكون خلقة وفي الحديث: «ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة واقرؤوا إن شئتم {فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا}».
قال العلماء: معنى هذا الحديث إنه لا ثواب لهم وأعمالهم مقابلة بالعذاب فلا حسنة لهم توزن في موازين القيامة ومن لا حسنة له فهو في النار.
قال القرطبي في تذكرته: وفيه من الفقه ذم السمن لمن تكلفه لما في ذلك من تكلف المطاعم والاشتغال بها عن المكارم بل يدل على تحريم كثرة الأكل الزائد على قدر الكفاية المبتغى به الترفه والسمن انتهى.
وفي الفروع: إن الأكل فرض إن كان لدفع هلاك نفسه، ومأجور عليه إن كان لتمكينه من صومه وصلاته قائمًا، ومباح إلى الشبع ليزيد قوته، وحرام فوق الشبع إلا لقصد قوة صوم الغد ولئلا يستحيي ضيفه.
قال الإمام السخاوي في المقاصد الحسنة في الحديث: «إن الله يكره الحبر السمين» وفي التوراة: «إن الله ليبغض الحبر السمين» وفي رواية: «إن الله يبغض القارئ السمين».
قال الشافعي رحمه الله: ما أفلح سمين قط إلا أن يكون محمد بن الحسن، فقيل له: ولِمَ؟ قال لأنه لا يفكر والعاقل لا يخلو من إحدى حالتين إما أن يهمّ لآخرته ومعاده أو لدنياه ومعاشه والشحم مع الهمّ لا ينعقد فإذا خلا من المعنيين صار في حد البهائم بعقد الشحم.
ثم قال الشافعي: كان ملك في الزمان الأول كثير اللحم جدًا فجمع المتطببين وقال احتالوا حيلة تخف عني لحمي هذا قليلًا فما قدروا فنقبوا له رجلًا عاقلًا أديبًا متطببًا وبعثوه فأشخص إليه بصره وقال أيعالجني ذلك الفتى قال أصلح الله الملك أنا رجل متطبب منجم دعني أنظر الليلة في طالعك أي دواء يوافق فأشفيك فهدأ عليه فقال: أيها الملك الأمان قال لك الأمان قال: رأيت طالعك يدل على أن عمرك شهر فمتى أعالجك وإن أردت بيان ذلك فاحبسني عندك فإن كان لقولي حقيقة فخل عني وإلا فاقتص مني قال فحبسه ثم رفع الملك الملاهي واحتجب عن الناس وخلا وحده مغتمًا ما يرفع رأسه يعد الأيام كلما انسلخ يوم ازداد غمًّا حتى هزل وخف لحمه ومضى لذلك ثمانية وعشرون يومًا فبعث إليه فأخرجه فقال ما ترى فقال أعزّ الله الملك أنا أهون على الله من أن أعلم الغيب والله ما أعرف عمري فكيف أعرف عمرك إنه لم يكن عندي دواء إلا الهمّ فم أقدر أجلب إليك الهمّ إلا بهذه العلة فأذابت شحم الكلى فأجازه وأحسن إليه.
والثالث: ما في قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُ} من لطائف العبارات من أهل الإشارات.
فالآية بإشارتها تدل على أن من أراد الوصول إلى الله تعالى فلينقطع عما سواه فإنه لعب ولهو واللاهي واللاعب ليس على شيء نسأل الله سبحانه أن يحفظنا من اشتغال بما سواه. اهـ.